عبط الموت



وابل العرق يتفصد على جسم النحيل
فألزق قميصه المرحض بهزالته
رفع ظهره المتقوس من العناء
حالما أكمل ضرح قبر يلوذ مهجته.

لم يخطر له قط ان يعبط روحه بلطجية هدفهم حجب إبتغاء معروف غفيرة حاشدة من المتفرجين في الساحة
 النساء والأطفال والرجال.
 زحق الأرواح هوايتهم 
زرع الخريعة تسليتهم. 
  
تسأل محدثاً نفسه: الأغبياء الجبناء ما بهم 
يتفرجون ببرود و كأنهم جثث هامدة.
 ثم قهقه عالياً 
ربما لم تعد قلوبهم تفزع
لفاجعة تزيد (fearfiles) هلع.
                  
همهمت سيدة في منتصف الجموع 
لا يحزنني عذابه ولا حظه الشؤم
 الجبناء عذابهم عند رب الأرباب 
و صاحت بهمس تكاد مسموع 
و أزرفت عينيها فيض الدموع 
إنه لم يتب ليسوع آبن مريم لم يتب ليسوع....
 قاطعها سيدة عن يمينها أصمتي أيتها الساحرة
 ماذا تقولين ؟
ستسببين بموتنا أصمتي حماكِ الله أصمتي.... 

أمره الضابط بالركوع 
فنظر إلي عينيه بخواء 
فوقع عليه الجنود لكمة وضربة وركلة.
أضطجع على ذاته ونظر الى سماء 
حاول العواء، فخارت قواه
 وخرعت حباله الصوتية 

غمغمت عجوزة كاهلة محدثة عمن يجاورها بنبرة حاذقة يشوبها التحملق و الإشمئزاز:
ربما حذره أهله بإلا ياتي الى المنطقة هنا (معقل قوات قوم و سيم) 
لكني أجزم على إنه أصم أرعن وشقي لا يسمع... 
- أيتها العاهرة الفاجرة الماجرة إلا تملكين ذرة حياء، تتفوهين بلا توقف كالمذياع بما لا يحتمل....
أنظري هناك: أمه و زوجته و إبنه الصغير كم هم بؤساء.
 صمتن فجاءة ورعضت أجسادهن أقوى من رعشة الجماع على وقع أقدام جندي يخطو نحوهم بخطوات متسارعة.
- أصمتوا و إلا سنرسلكم إلى السماء . 

حُتر يديه خلف ظهره
عُصب عينيه بوشاحٍ ناصع 
يتبلج على جوانبه بريقاً ساطع

تمنى لو سمع إحدى أنين زفرته 
على أرجح الظن سيلقى حتفه في غير ميعاده
ربما هذا رغبة السماء 
وليس إرادة هولاء كما يتخيله.

وقف القناص على بعد196 خطوة 
و وجه صوبه بنديقته جيم 7 الإيراني الصنع.
تشبث إبنه على أرجل زوجته النحيلتين 
حاولت الزوجة تغطية عيني إبنها بيديها الناعمتين. 
بيد بإلا يترسخ الموقف في ذهنه 
فإندثرت قواها و تجمدت أطرافها.

صرخ الضابط بنبرةٍ يكاد زئييراً:
 لا تهدروا الوقت لدينا آرتباطات أخرى. 
وللوهلة إنطلق رصاصة الرامي
 إستقر في منتصف جبينه
 تماماً بين الندوب المتوازية الستة المرسومة بعناية
 أي بضبط تحت الندبة الثانية
تزمع أصابعه،تقرقفت جسده 
وتفرقع رأسه، تفتت في هواء حاث باث.
دحرج جثته بقيعان البوت كسلة ماتت فاكهتها 
إلا آن أستقر في رمسه،
 أُلقِي عليه كومة تراب. 

تفرق الغفيرة شذر مذر 
وبقى وحيداً في القفر
لم يسأل أحد ما ذنبه
 ولم يقص أحد قصته 
كأنما كان مجرد قشرة لالوب لا جدوى لوجودها. 

الهوامش               
_____________________________________________
مشهد واقعي, فانرينق - جنوب السودان - فترة ما قبل 2005
#القناعة

تعليقات